التخطي إلى المحتوى

قبل يومين، أطلق صندوق الثروة السيادي السعودي شركات استثمارية جديدة في 5 دول عربية والهدف من وراء هذه الخطوة “اقتصادي” كما يقول.

وقال الصندوق السعودي إن الشركات الخمس، بالإضافة إلى الشركة التي أطلقت سابقا في مصر، ستستهدف استثمارات تصل إلى 24 مليار دولار في قطاعات تشمل البنية التحتية والعقارات والتعدين والرعاية الصحية والأغذية والزراعة والتصنيع والتكنولوجيا.

والأربعاء، أعلنت السعودية عن تأسيس خمس شركات استثمارية إقليمية تابعة لصندوق الثروة في الأردن والبحرين والسودان والعراق وسلطنة عمان.

وبينما تقول السعودية إن هذه الشركات “تعزز الاستثمارات” لصندوقها، يرى آخرون أنها قد تكون وسيلة لبناء نفوذ سياسي ودبلوماسي في تلك البلدان.

يعلق رئيس تحرير جريدة “الجريدة” السودانية، أشرف عبدالعزيز، بقوله لموقع “الحرة” إنه في “إطار سياسة المصالح (المتبادلة) هذه مسألة معلومة”، لكنه أشار إلى أنها مسألة “مقبولة” على اعتبار أنها معلنة.

وقالت الباحثة بجامعة كولومبيا، كارين يونغ، في تصريحات سابقة لصحيفة “وول ستريت جورنال”، إن المساعدات الخليجية “مختلفة” الآن، حيث إن “الأمر يتعلق في الواقع بشراء الأصول، وهو ليس نفس النوع من الإنقاذ” كما كان في السابق.

“رفض هذه الأمور”

وفي تقريرها الشهر الماضي، قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن المساعدات المالية، التي دأبت السعودية ودول الخليج الأخرى على تقديمها لمحيطها الإقليمي، تعمل كـ”أداة دبلوماسية” تستخدمها تلك الدول منذ فترة طويلة لبناء النفوذ في جميع أنحاء المنطقة.

المساعدات الخليجية للدول الجارة.. حزم إنقاذ “وتعزيز نفوذ”

تشترك دول مثل مصر وباكستان والسودان بامتلاكها إمكانيات بشرية كبيرة، ومشاكل اقتصادية أكبر، وأيضا بكونها تلقت مساعدات مالية كبيرة من دول الخليج، خاصة السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة.

وذكرت الصحيفة الأميركية أن الارتفاع في أسعار النفط والغاز مكّن الدول الخليجية من العودة لهذه السياسة.

ويرى خبير الشؤون الاستراتيجية للشرق الأوسط، فواز بن كاسب العنزي، أن هذه الاستثمارات تمثل “مصالح مشتركة” بين السعودية والدول العربية وهي تأتي في إطار العلاقات التكاملية بين دول المنطقة لتحقيق أهداف الأمم المتحدة بالتنمية المستدامة، بحسب قوله.

ومع ذلك، استبعد في حديثه لموقع قناة “الحرة” أن تكون هذه الاستثمارات لتحقيق “نفوذ سياسي” على الدول العربية.

وأضاف أن هذه الخطوة “تحقق عائدات إيجابية على الصندوق لكن المملكة تقدمها في سياق التعاون الإقليمي العربي، لا سيما وأن السعودية تستشعر بالأزمات المالية التي تتعرض لها الدول العربية”.

لطالما كان للسعودية نفوذ كبير مع جيرانها في الوضع الإقليمي من خلال احتياطاتها النفطية الهائلة ودعمها المالي والسياسي الهادئ للحلفاء، كما يقول الأكاديمي الأميركي، غريغوري غوس، في كتابه “السعودية في الشرق الأوسط الجديد”.

لكن العنزي يقول إن السعودية “لديها النفوذ الاجتماعي في جميع الدول العربية من خلال مكانتها الدينية كونها قبلة المسلمين، ولا تبحث عن نفوذ سياسي الذي هو أساسا جزءا من النفوذ الاجتماعي”.

وقال إن “المملكة ليس لديها أهداف للتأثير على بعض الأنظمة أو التدخل في شؤون الدول بل ترفض هذه الأمور، ولكن الدوافع والأهداف اقتصادية تحقق أهداف التنمية المستدامة”.

“الاقتصاد أولا ودعم الأشقاء” ثانيا

في بيانه المنشور على وكالة الأنباء السعودية (واس)، قال صندوق الاستثمارات العامة إن تأسيس الشركات الخمس الجديدة “سيعمل على تنمية وتعزيز الشراكات الاستثمارية لصندوق الاستثمارات العامة وشركات محفظته والقطاع الخاص السعودي للعديد من الفرص الاستثمارية في المنطقة، الأمر الذي سيُسهم في تحقيق عوائد جذابة على المدى الطويل، وتطوير أوجه تعاون الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية مع القطاع الخاص في كل من الدول الآنف ذكرها”.

كانت البحرين، الجارة الصغيرة التي تربطها جسر مع المملكة، رحبت بهذه الاستثمارات وشكرت السعودية عليها.

وقال ولي عهد البحرين، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، إن السعودية “دائما صاحبة المبادرات الخلاقة لصالح دول المنطقة ومواطنيها” وأن “الجميع يُقدر ما تضطلع به (الرياض) من إسهامٍ فاعل في تعزيز استقرار الاقتصاد العالمي، ودورها الكبير في أمن واستقرار المنطقة والعالم”، بحسب وكالة أنباء البحرين (بنا).

ويعتقد المحلل السياسي البحريني، إبراهيم النهام، أن خطوات صندوق الثروة السيادي السعودي “تتركز على الاقتصاد أولا”، لكنها أيضا تأتي لدعم اقتصادات “الدول الشقيقة”، حسب تعبيره.

وقال لموقع قناة “الحرة” إن الاستثمارات السعودية التي جاءت في مجالات مختلفة هي من صميم رؤية المملكة 2030 لتنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط.

وتابع: “السعودية دولة تقوم الوقوف مع جيرانها ومساعدة أشقائها منذ سنوات طويلة … هذه الاستثمارات الجديدة وإن كانت اقتصادية بحتة إلا أنها تدعم اقتصادات الدول العربية”.

ودلل النهام على تصريحات ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عندما زار البحرين خلال وقت سابق من العام الحالي بعد أن قال إنه “لا يمكن للسعودية النهوض دون جيرانها”.

“ليس عيبا”

وقال صندوق الاستثمارات العامة، الذي يدير أصولا بنحو 620 مليار دولار ويستهدف الوصول لأكثر من تريليون دولار بحلول عام 2025، إن هذه الخطوة تتماشى مع استراتيجيته “في البحث عن الفرص الاستثمارية الجديدة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تدعم بناء شراكات اقتصادية استراتيجية على المدى الطويل لتحقيق العوائد المستدامة، الأمر الذي يُسهم في تعظيم أصول الصندوق وتنويع مصادر دخل المملكة، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030”.

وكان الصندوق، وهو الأداة التي اختارها ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لدفع أجندة اقتصادية طموحة لتنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط، ثاني أنشط مستثمر حكومي خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر من العام الحالي، إذ أبرم 39 صفقة بقيمة 17.2 مليار دولار خلال هذه الفترة، وفقا لمنصة تعقب صناديق الثروة العالمية.

في السودان، يوضح الصحفي عبدالعزيز، إشكالية أخرى تتمثل في عدم وجود البيئة المناسبة للاستثمار الأجنبي في ظل وجود “حكومة الانقلاب”.

وقال إن السودان “من حيث الموارد، مؤهل لأي استثمار أجنبي، لكن سياسيا مثل هذه الاستثمارات لن تجد استقرار إلا وسط حكومة مدنية والآن السودان محكومة من قبل حكومة انقلابية”، في إشارة لسيطرة المكون العسكري على السلطة في الخرطوم.

وأضاف أن “إذا كان المواطن هو المستفيد، السودان بحاجة إلى الاستثمار وهنا المصالح ليست عيبا؛ لأن الأمور جاءت في وضح النهار”.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *