التخطي إلى المحتوى

شوريّون: أصناف غذائية ضعيفة تُقدم لأبنائنا وبناتنا للكسب المادي على حساب صحتهم

عودة وجبة “التغذية” المدرسية .. تسع سنوات بانتظار التنفيذ

التغذية المدرسية وجبة إفطار متكاملة لطلاب التعليم العام في كافة المدن والقرى والهجر

مضت نحو تسع سنوات على قرار الشورى الخاص بوضع برنامج متدرج لاعتماد وجبة تغذية صحية في مدارس التعليم العام، وذلك حينما أقر المجلس بأصوات الأغلبية في التاسع من جمادى الأولى لعام 1435 توصية عضوه السابق حمدة العنزي بعد أن تبنتها لجنة التعليم والبحث العلمي بهذا الشأن، كما وافق المجلس في ذات الجلسة على توصية لـ”دراسة” إضافة برامج للياقة البدنية والصحية للبنات بما يتفق مع الضوابط الشرعية وطبيعتهن والتنسيق مع وزارة التعليم العالي -حينها- لوضع برامج التأهيل المناسب للمعلمات، وهي توصية للدكتورة أمل الشامان، وقد أخذت به الوزارة لاحقاً، بينما لم تأخذ بقرار اعتماد التغذية المدرسية ببرنامج متدرج..!، وقد حذر أعضاء من فوضى المقاصف وانتشار أمراض السمنة والسكري وتسوس الأسنان، فيما بررت الدكتورة العنزي القرار الذي اتخذه المجلس بضعف متعهدي تشغيل المقاصف المدرسية في التعليم العام، وأشارت إلى أن ما يقدم لأبنائنا وبناتنا أصناف رخيصة بأسعار مضاعفة وذات قيمة غذائية ضعيفة وهي للكسب المادي على حساب صحة الطلاب والطالبات، وأكدت العنزي أن مراحل التعليم خاصة الابتدائية من أهم مراحل النمو والتكوين العقلي والجسدي للطلاب والطالبات، كما أن غياب الوجبة المدرسية الصحية يؤثر سلباً على التحصيل الدراسي وعلى الصحة المدرسية.

فكرة التغذية بدأت بعهد الملك فيصل

ويعيد المجلس بهذا القرار إلى الأذهان وجبة “التغذية” التي لازال جيل الثمانينيات والتسعينيات الهجرية يختزل هذا الاسم في ذاكرته حيث أقرت وزارة التعليم (وزارة المعارف آنذاك) إيصال وجبة إفطار متكاملة لجميع طلاب الإعداد العام في كافة المدن والقرى والهجر، وهيأت لذلك جميع إدارات التعليم بمختلف المناطق لبرنامج “التغذية المدرسية”، بل شملت هذه المبادرة أيضاً توزيع الملابس الرياضية لجميع الطلاب وبأطقم متعددة الألوان والمقاسات، إلاّ أن ألوانها في السنوات الأخيرة توحدت باللونين الأخضر والأبيض لون العلم الرسمي والمنتخب الوطني، وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن فكرة التغذية المدرسية كانت قد طرحت منذ عهد الملك فيصل -رحمه الله-، وبدأ العمل بها في عهد الملك خالد -رحمه الله- عام 1396-1397هـ، حيث بدأت وزارة المعارف آنذاك بتوزيع علب التغذية على كافة المدارس في المملكة بعد أن تم التعاقد مع شركة أوروبية عن طريق الشركة العربية السعودية “سيف”، وبدأ التوزيع في نهاية عام 1396هـ وبداية عام 1397هـ؛ ليشمل طلاب مدارس الإعداد العام دون الطالبات اللائي كن يتبعن للرئاسة العامة لتعليم البنات، وتوقفت تقريباً في عام 1401.

أعضاء: دليل الإشراف على المقاصف لا يُلزم بالوجبات الصحية بقدر ما يهتم بالنواحي الفنية..!

نظام شامل للتغذية المدرسية

وبعد مضي أكثر من خمس سنوات على قرار مجلس الشورى الذي طالب فيه وزارة التعليم باعتماد وجبة تغذية صحية، تقدمت العضو جواهر العنزي بالاشتراك مع العضو محمد العجلان بمشروع نظام متكامل وشامل للتغذية المدرسية وأيَّدت لجنة التعليم الشوريًّة قبل أكثر من أربع سنوات إجراء دراسة للمقترح الذي يستهدف تحسين صحة الطلبة والالتزام بسلوكيات وأدبيات التغذية السليمة، وجعلها جزءاً لا يتجزأ من سلوكهم، والحد من الأمراض المنتشرة والتي لها ارتباط مباشر بالعادات الغذائية الضارة، وكذلك تحقيق للنمو السليم المتوازن لأن العقل السليم في الجسم السليم، وبخاصة في هذه المرحلة العمرية للطلبة، وتماشياً والرؤية التي تدعو إلى تحسين جودة الحياة، واشترك في تقديم المقترح العضوين السابقين جواهر العنزي ومحمد العجلان، وقد انتهت من دراسته الأولية لجنة التعليم، وأوصت بملاءمته لدراسة موسعة لتقرير قبوله بشكل نهائي أو رفضه، وقد سوّغ عضوا المجلس العنزي والعجلان – صاحبا المقترح – بعدم التزام بعض المدارس بنوعية ما يقدم للطلبة من غذاء وانتشار العديد من العادات الغذائية السيئة كتناول الوجبات السريعة والمشروبات الغازية، إضافة إلى انتشار عدد من الأمراض المرتبطة بالتغذية السيئة، كالسمنة والسكري وتسوس الأسنان، والعشوائية والفوضى في كثير من المقاصف المدرسية، ويؤكد العنزي والعجلان أهمية المقترح في سد الفراغ التنظيمي التشريعي فيما يخص التغذية المدرسية حيث لا يتوفر إلا دليل للإشراف على المقاصف المدرسية؛ لا يُلزم المدارس بتقديم الوجبات الصحية بقدر ما يهتم بالنواحي الفنية للمقاصف المدرسية، والإبلاغ عن المخالفات، وحسب تقرير المقترح تعد المدارس البيئة المثالية لدعم أي سلوك يرغبه المجتمع؛ فمن خلالها تُكتسب المعارف والمهارات والاتجاهات والميول، ومن أهم تلك السلوكيات التي ينبغي إكسابها للتلاميذ منذ بداية التحاقهم في المدارس هي السلوكيات المتعلقة بالتربية الغذائية، حيث يلتحق التلاميذ في المدرسة من سن السادسة ويبقون بها إلى سن الثامنة عشرة، وهو السن الذي تتشكل فيه العادات الغذائية والصحية، وتحدث به العديد من التغيرات الفسيولوجية والنفسية والاجتماعية التي تترك آثاراً واضحة على الطفل، وكثيراً ما تحدد هذه الفترة نوعية الأخطار الصحية التي يمكن أن يواجهها التلاميذ في الأعمار اللاحقة، وأكدت وثيقة أصدرتها اليونسكو بعنوان “المدارس كنظام لتحسين التغذية” أن أداء المدرسة لدورها المنوط بها في تقديم التغذية السليمة لطلاب المدارس هو تعزيز لحقوق الإنسان، وخاصة حقه في الحصول على الغذاء، وتمتعه بمستوى عالٍ من الصحة، وتسير تلك الحقوق جنباً إلى جنب مع حقه في التعليم، وهي حقوق عالمية مترابطة وغير قابلة للتصرف أو التجزئة، كما أن أداء المدرسة لدورها الحقيقي فيما يتعلق بالصحة المدرسية هو تعزيز ودعم لاتفاقيات الطفل، التي أكدت على مكافحة الأمراض وسوء التغذية عن طريق توفير الأغذية المغذية الكافية ومياه الشرب النقية، الأمر الذي يستدعي تقديم تغذية مدرسية مناسبة؛ لضمـان حصول جميع التلاميذ علـى وجبة كاملة كل يوم، وهو ما يمكن أن يزيد من اهتمام الأطفال بالتعلم، وكذلك من الالتحاق بالمدارس كما أثبت ذلك العديد من الدراسات في هذا المجال.

بعد أكثر من أربع سنوات من تقديمه للشورى.. مقترح تشريع نظام التغذية المدرسية.. ماذا تم..؟

دليل المقاصف قاصر

وأوضح عضوا المجلس السابقين العنزي والعجلان أن المتتبع للتغذية المدرسية في المملكة يلاحظ أنها مرت بمحطات متنوعة، تراوحت من تقديم وجبات مدرسية مجانية في نهاية السبعينات الميلادية إلى الاعتماد على المقاصف المدرسية، والتي مازالت قائمة مع ما تواجهه من انتقادات واسعة، من حيث نوعية الوجبات المقدمة، ومدى توافقها مع الاشتراطات الصحية، وطريقة تقديمها، واصطفاف الطلبة للحصول عليها، وعلى الرغم من أن الوزارة أصدرت عدة قرارات لتحسين أوضاع المقاصف المدرسية من إسناد تشغيل بعضها إلى شركة تطوير، وإسناد بعضها الآخر إلى الأسر المنتجة، كما أن المجلس لم يغفل هذه القضية المهمة في قراراته السابقة إلا أن الحلقة المفرغة هي عدم وجود تشريع مناسب لمعالجة تلك القضية معالجة جذرية، حيث إن الموجود حالياً دليل يهتم بالنواحي الفنية للمقاصف المدرسية، والإشراف عليها، ويضع آلية للإبلاغ عن المخالفات، إلا أنه قاصر – حسب تقرير المقترح – عن إلزام المدارس بتقديم الوجبات الصحية المتوافقة مع احتياجات الجسم، لذا يتطلب الأمر سياسات فاعلة، وقوانين صارمة؛ تلزم الجهات المعنية بتقديم الوجبات الصحية المدرسية للطلاب؛ فالاستثمار الحقيقي هو الاستثمار في أبناء الوطن الذين يفوق عددهم خمسة ملايين طالب وطالبة، وهذا يتوافق مع رؤية المملكة، والتي أكدت على نمط الحياة المتوازن، والوصول إلى مجتمع حيوي، وبيئة عامرة، ينعم أفرادها بحياة صحّية.

المقترح يستهدف تحسين صحة الطلبة والحد من الأمراض المرتبطة بالعادات الغذائية الضارة

أبرز مواد النظام المقترح

أوضحت المادة الثانية من النظام المقترح على أنه يهدف إلى توفير الغذاء والمشروب الصحي والنظيف، للطلبة والتلاميذ، في المؤسسات التعليمية كافة، وألزمت المادة الثالثة وزارة التعليم بأن توفر في كل مؤسسة تعليمية مطعماً مجهزاً بالتجهيزات اللازمة كافة لإطعام الطلبة والتلاميذ، وأن تتوفر فيه اشتراطات ووسائل السلامة، وأن لا يعرض فيه إلا الأغذية – المشروبات والمأكولات – الصحية، وأن تكون قيمة اشتراكه أو أثمان بيع معروضاته بمبالغ رمزية مخفضة، وتحدد اللائحة نوع الغذاء والمشروب الصحي المقدم في المطعم، وقيم الاشتراك في المطعم، أو أثمان بيع معروضاتها، والحالات التي يتم فيها الإعفاء من تلك المبالغ، ويجوز للوزارة تشغيل المطاعم المدرسية، أو تأجيرها، كما يجوز لها المشاركة مع مشغلين من القطاع الخاص أو الاستعانة بهم لتقديم الخدمة.

د. حمدة العنزي وعن يسارها د. حنان الأحمدي

د. جواهر العنزي

محمد العجلان