التخطي إلى المحتوى

صحيفة المرصد: عقد الكاتب عبدالله بن بخيت، مقارنة بين الحياة في زمن ابن تيمية والحياة في الوقت الراهن، كاشفاً عن تعريف السلاح في عهد شيخ الإسلام

الإرهاب الإسلامي

وقال “بن بخيت” في مقاله” ما علاقتي أنا وأنت بابن تيمية؟”، المنشور بصحيفة “عكاظ”:”يعد ابن تيمية من أعلام عصره ومن أشهر الفقهاء. لمع نجمه بين عامة الناس في عصرنا بعد أن انتشرت حملة التديين المركزة في السنوات الأربعين الماضية، وتوسعت شهرته أكثر بعد أن كال له الليبراليون والباحثون المغرضون الاتهامات بوصفه مهندس الإرهاب الإسلامي”.

حروب وتغيرات

وأشار:”ولد ابن تيمية ومات قبل أكثر من ثمانمائة سنة. بيننا وبينه ممالك ودول وحروب وتغيرات جوهرية في المفاهيم ورؤية الكون والحياة واللغة، لو عاد إنسان من عصر ابن تيمية إلى يومنا هذا لظن أنه حط في كوكب آخر لا يمت للبشر الذي جاء منهم بصلة”.

الفضاء السحيق

وأكمل:”كيف كانت الحياة في زمانه؟ وكيف هي الحياة في زماننا اليوم؟، لك أن تتخيل أن المسافة بين الرياض ومكة في زمن ابن تيمية قرابة الشهر. في هذا الزمن الذي قضاه ابن تيمية على ظهور الدواب وفي وعثاء السفر أكون أنا لففت على مقعد مريح الكرة الأرضية خمس مرات. لن يدرك ابن تيمية معنى أن أقول لففت العالم على كرسي مريح، فالطيران في تصوره ليس إلا للطير فقط، ولن يدرك معنى قولي كرة أرضية. فالأرض في زمانه مسطحة تمتد ما شاء لها أن تمتد. نظرتنا للكون لا علاقة لها بنظرته للكون، ونظرته للمسافات لا علاقة لها بنظرتنا للمسافات. سيطير صوابه إن عرف أن واحداً من زماننا سار على سطح القمر، وأن مراكبنا تجوب الفضاء السحيق”.

وتابع:”يتهم ابن تيمية أن فتاواه تحرض على العنف، وهذا غير صحيح. فهؤلاء لا يضعون الأمور في سياقها الصحيح”.

شيخ الإسلام

وزاد:”ما تعريف السلاح عندي وعندك؟ وما تعريف السلاح عند شيخ الإسلام؟.. كل ما يملكه زمنه من سلاح لا يتعدى السيف والخنجر والدرع والحصان والرمح والمنجنيق. لن يتصور رحمه الله أن مراهقاً صغيراً يجلس على رأس جبل سيحصد برشاشه جحافل التتار الذين أرقوه وعاثوا في وطنه. أما السلاح في ذهني وذهنك: حاملات طائرات وقنابل ذرية تمسح الحياة في ساعات وطائرات وغواصات. تصور الشيخ لكلمة سلاح أثناء الفتوى مختلف جوهرياً عن تصور السلاح اليوم، وبالتالي دعوته للجهاد تختلف جوهرياً عن دعوة دعاة اليوم للجهاد، فالجهاد في ثقافة ابن تيمية لا ينطوي على غدر وخسة. مجاهد ابن تيمية يخرج بسيفه ليلاقي نده، بينما مجاهد دعاة اليوم يذهب بحزامه الناسف ليفجر نفسه في المصلين والآمنين. عندما نستعين بفتوى ابن تيمية للجهاد فنحن نحول الفروسية إلى دناءة”.

الجثث المتناثرة

وأردف:”عندما يخرج الشيخ من منزله ترى ما صورة الطريق الذي سيسلكه للمسجد أو للسوق؟ طريق ابن تيمية ترابي ضيق تفوح منه روائح عفن مخلفات الحيوانات التي تجوبه، وفي الليل تأتي الضباع لترمي الجثث المتناثرة فيه، أما الطريق في ذهني وذهنك هو طريق الملك فهد وطريق الملك سلمان وطريق محمد بن سلمان. لا علاقة بين كلمة طريق في ذهني وفي ذهن ابن تيمية”، لافتا:”الشيخ -رحمه الله- لا يعرف معنى دولة ولا بنوك ولا منظمات ولا اقتصاد ولا إعلام ولا مرور ولا جوازات إلخ. أكثر من 95% من الأنظمة التي تصيغ حياتنا لا علاقة لابن تيمية وعصره بها”.

الصابون والشامبو

وأبان:”عندما يتحدث ابن تيمية عن النظافة فهو لا يعرف أن هناك كائنات حية تعيش معنا دون أن نراها. ولا يعرف شيئاً اسمه مطهرات لا يعرف شيئاً اسمه الصابون والشامبو والمياه الجارية، ولا أحد من أهل زماننا يذهب للخلاء لقضاء الحاجة كما كانوا يفعلون”.

سراق البشر

واختتم:”حتى في تعريف الإنسان كإنسان سنختلف مع ابن تيمية وعصره، فتعريف الإنسان في عصر ابن تيمية يتناقض مع تعريف الإنسان في وعي أبناء هذا العصر. عندما تتجول في السوق في زمن ابن تيمية لن تعدم أن ترى عدداً من الأطفال يقادون بالسلاسل. سرقهم سراق البشر من أهاليهم في أفريقيا ووسط آسيا وغيرها ثم جلبوا إلى الأسواق للبيع كالحيوانات بلا تعاطف مع طفولتهم ولا كرامة لإنسانيتهم. بالنسبة لي ولك هذه جريمة يندى لها الجبين، وبالنسبة لعصر ابن تيمية شيء عادي ومنظم وله قوانينه المحترمة. لا يعني هذا أن ندين ابن تيمية، ولكن لا يجدر بنا استخدام ثقافة ذلك العصر وقوانينه والفتاوى الصادرة فيه. دين ابن تيمية هو ديني، أما أحكامه وآراؤه وفتاواه فلا تعنينا وغير موجهة لي ولك. المكان الوحيد الذي يمكن أن نستفيد فيه من كتب ومؤلفات ابن تيمية هو قسم الأنثروبولوجيا في الجامعة”.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *