التخطي إلى المحتوى

بعد يوم من رحيل الداعية المصري المقيم في قطر يوسف القرضاوي، عن 96 عاماً، أثارت مسألة نعيه الجدل من جديد بشأن علاقته بمؤسسة الأزهر، وبالتحديد هيئة كبار العلماء، التي أقيل منها قبل 9 أعوام، على خلفية مواقفه الداعمة لـتنظيم «الإخوان» الذي تصنفه السلطات المصرية «إرهابياً». ولم تصدر هيئة كبار العلماء (أعلى هيئة دينية في الأزهر) نعياً لوفاة القرضاوي؛ لكن الدكتور حسن الشافعي، عضو هيئة كبار العلماء (92 عاماً) رثاه عبر قناة «الجزيرة مباشر» مساء (الاثنين)، وقال إنه «ينعى الراحل، لأنه كان عضواً في هيئة كبار العلماء، وكان زميلاً مطلع الخمسينات من القرن الماضي في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر». وواصل الشافعي حديثه: «كانت بيننا توافقات وخلافات، لكن القرضاوي كان عالماً متعدد الجوانب».

إلا أن مصدراً أزهرياً قال إن «الأزهر ليس مسؤولاً عما يبثه البعض من أحاديث وآراء». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «آراء الأزهريين كأفراد تمثل – في الغالب الأعم – أشخاصهم، ولا تمثل بالضرورة الأزهر؛ إلا إذا خرجت بشكل مؤسسي من هيئاته المخولة بالبيان».

ودعا المصدر إلى «ضرورة التفرقة وعدم الخلط بين رأي المؤسسة الأزهرية والذي تمثله هيئاتها العلمية والفقهية: (هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية، وجامعة الأزهر، ومركز الأزهر العالمي للفتوى، والمركز الإعلامي للأزهر)، وبين تلك الآراء التي تصدر بشكل شخصي من البعض، والتي لا تعبر إلا عن وجهة نظر صاحبها».

ويشار إلى أن حسن الشافعي، الذي كان يشغل منصب مستشار شيخ الأزهر، قد دعا في يوليو (تموز) 2013، حسب وكالة «الأناضول» إلى «الإفراج عن الرئيس الأسبق محمد مرسي». وذكر حينها في كلمة متلفزة أنه «يتحدث بصفته الشخصية كمواطن مصري وليس باسم الأزهر». وفي أغسطس (آب) 2013 أصدر الشافعي، الذي يشغل منصب رئيس اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية، والرئيس الأسبق لمجمع اللغة العربية في مصر، بياناً أدان فيه «فض اعتصام لـ(الإخوان) في ميداني (النهضة) و(رابعة)»، عقب عزل مرسي عن السلطة.

والقرضاوي الذي ينظر إليه باعتباره رمزاً أيقونياً لـ«الإخوان» خصوصاً أنه من رعيل المؤسسين للتنظيم، تلقى تعليماً أزهرياً منذ طفولته وحتى تخرجه في كلية أصول الدين قبل أن يواصل نيل الدرجات العلمية». وأقيل القرضاوي عام 2013 من عضوية هيئة كبار العلماء، بعد إزاحة «حكم تنظيم الإخوان»، وذكر مصدر أزهري حينها أن «القرار جاء بموافقة أغلبية أعضاء الهيئة». وأرجعه المصدر إلى أنه «نتيجة ما نسب إلى القرضاوي من إساءات لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والمؤسسة الدينية في مصر».

إلى ذلك انقسمت تعليقات المتابعين على «السوشيال ميديا» حول جواز الترحم على القرضاوي من عدمه، لأنه حسبما رأى بعض المتابعين أن «القرضاوي كان مسؤولاً بفتاواه عن أحداث العنف والقتل التي شهدتها مصر عقب عزل مرسي، وشهدتها بعض دول المنطقة أيضاً».

وقال أحد المغردين: «ينسب للشيخ القرضاوي التحريض على قتل الشيخ محمد سعيد البوطي، حيث سئل عن حكم المتعاونين مع النظام السوري فأجاب القرضاوي بقتالهم». وأضاف: «بعد مقتل البوطي في مارس (آذار) 2013 خرج القرضاوي يتساءل عن من قتل الشيخ البوطي؟… وذكر حينها أن أهل السنة وإن اختلفوا لا يتقاتلون».

وفي يناير (كانون الثاني) عام 2020 فند مؤشر عالمي للفتوى تابع لدار الإفتاء المصرية، فتاوى تنظيم «الإخوان» ضد الدولة المصرية. واستند المؤشر لفتوى أصدرها القرضاوي عام 2012 قضت بـ«ضرورة انتخاب مرسي ومساندته». وفتاوى أخرى في عام 2013 «حرض فيها على قتل معارضي (الإخوان)، واستهداف رجال الجيش والشرطة والقضاة». كما «حرض أيضاً على اقتحام السجون المصرية، وأباح العمليات الانتحارية»، بحسب ما قال المرصد حينها.

والقرضاوي طوال فترة دراسته وشبابه كان من الملتزمين تنظيمياً في صفوف «الإخوان»، وخضع للسجن في حقب زمنية مختلفة على خلفية ذلك، واستقر في قطر منذ عام 1961». لكن كانت خطبته للجمعة في ميدان التحرير عام 2011 واحدة من العلامات البارزة في تأكيد تمهيده لوصول «الإخوان» إلى السلطة، وهو ما ترجمه بعد إزاحتهم من الحكم عام 2013 بمواقف «حادة» ضد النظام المصري». كما أدرج القرضاوي على (قوائم الإرهاب) مرتين، الأولى عندما أعلنت «المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات والبحرين» في بيان مشترك إدراج 59 شخصاً و12 كياناً على قوائم «الإرهابيين» من بينهم القرضاوي، والثانية من محكمة جنايات القاهرة وأدرج مع 1529 إرهابياً، فضلاً عن أن لجنة التحفظ على أموال «الإخوان» تحفظت على أموال جميع أفراد أسرته لاتهامهم بتمويل الإرهاب… ويشار إلى أن السلطات المصرية تحظر «الإخوان» منذ عام 2014 وتعده «تنظيماً إرهابياً».

كما كان القرضاوي مطلوباً لتنفيذ حكم (غيابي) ضده بالسجن المؤبد (25 عاماً) عام 2018 بعدما أدانته محكمة مصرية مع آخرين بـ«الاشتراك والمساهمة في قتل ضابط مصري»، فضلاً عن صدور حكم (غيابي) بحقه في يونيو (حزيران) 2015 بالإعدام في قضية «اقتحام السجون» المصرية إبان ثورة «25 يناير» عام 2011».